الاثنين، ديسمبر 17، 2012

السينما المغربية، هل تتعمد محاربة الإسلام؟



بسم الله الرحمان الرحيم


قبل سنتين أو ثلاث، وجدتني ذات مساء أنشدُّ لفيلم سينمائي يُعرض على القناة الثانية. وما شدَّ انتباهي أكثر لهذا الفيلم كونه قد حظي حين عرضه في السينما أو قبيل ذلك بهالة إعلامية مُلفتة، وقد تم حينها تقديم برنامج في نفس القناة استضاف مخرج الفيلم وممثليه  قصد التعريف به وربما أيضا الإعلان له.

هذا الفيلم أُنتج سنة 2007م، أخرجه وكتب سيناريوه أحمد بولان، وشارك فيه مجموعة من الممثلين الذين يعرفهم الجمهور جيدا، أمثال يونس ميكري، إدريس الروخ، آمال عيوش، أمينة رشيد، رفيق بكر... والفيلم مقتبس عن قصة حقيقية، حدثت  سنة 2003م، حين اُعتقل 14 شابا مغربيا من عشاق موسيقى "الهارد روك" و"الميتال" بتهمة عبادة الشيطان. وقد أثارت هذه القضية ضجة إعلامية كبيرة وردرد فعل متعددة تمثلت في وقفات احتجاجية نظمتها المنظمات الفنية والمدافعة عن الحريات الشخصية. ومن هذه القضية استوحى أحمد بولان عمله، معتمدا على شهادات هؤلاء الشباب وآبائهم ومرافعات المحامين.

لعلّ أول ما يثير الانتباه في هذا الفيلم هو عنوانه: "ملائكة الشيطان"، فهو متكون من كلمتين متناقضتين: ملاك وشيطان. لكن الأخطر هو أن كلمة "ملائكة" مضافة إلى كلمة "الشيطان"، بمعنى أن "ملائكة" منسوبة إلى "الشيطان"، أي أن هؤلاء "الملائكة" هم تابعون للشيطان، رغم أن الجميع يعلم أن ميزة الملائكة في الأصل هو أنهم  تابعون لله وحده، عابدون مطيعون له سبحانه.

إذا، وبمكر أدبي، وظّف كاتب الفيلم ومخرجه مجازا يستعير صفات الملائكة في علاقتها بالله ليسقطها على هؤلاء الشباب الموسيقيين في علاقتهم بالشيطان. وهو هنا يجعل للشيطان ملائكة كما لله سبحانه ملائكة، وهذه استعارة بالغة الخطورة.

قد لا يهمنا إن كانت موسيقى الهارد روك تحتفي بالشيطان وتمجده، أو إن كان هؤلاء الشباب يتعمدّون نشر تلك الأفكارالمنحرفة أم لا أو أن الأمر بالنسبة لهم مجرد فن لا غير، بل ما يهمنا إضافة إلى العنوان الغريب، هو بعض المشاهد التي حملها الفيلم والتي أساءت إلى بعض شعائر الإسلام، كالسخرية من الوضوء، وكالشخصية المتعصبة والغير مهذّبة التي ظهر بها المحامي الملتحي... وهذه المشاهد أبرزت بوضوح نية الفيلم في الاستخفاف بالتعاليم الإسلامية.

فالفيلم في النهاية يحمل في جعبته رسائل تصبّ في اتجاه الدفاع عن الحريات الفردية، ويضرب بعرض الحائط القيم التربوية والضوابط الأخلاقية، ويدعو إلى مواجهة "المتطرفين" كما أبرزهم الفيلم، بدل مراقبة الشباب المتحررين أو المنحرفين.

"ملائكة الشيطان"، ليس هو الفيلم الوحيد في خزانة السينما المغربية الذي أخذ على عاتقه هذا التوجه، بل هناك أفلام قبله وبعده حذت الحذو نفسه وبأشكال متعددة، كفيلم "ماروك" مثلا.

السينما المغربية اليوم في عمومها هي سينما لا تتطرق للمشاكل الحقيقية التي يتخبّط فيها المجتمع وتحاول إيصال الصورة الحقيقية عنه، بل هي تمارس دورها التجاري بعرض إما أفلام ساذجة، أفلام سعيد الناصري نموذجا، أو أفلام هدفها هو إبداع المشاهد المنحلّة قصد ربح مادي وتضليل أخلاقي، أو أفلام برسائل ضد القيم والأخلاق أو حتى التعاليم الإسلامية.

طاب يومكم
توفيق باميدا






هناك تعليقان (2):

  1. من غير المنطقي أن نحشر الملائكة مع الشيطان لكسب الشهرة المزيفة فهذه هي نتيجة إطلاق العنان لمثل هؤلاء المخرجين الذين يريدون تشويه صورة الدين

    ردحذف
  2. أصبتِ، فهذه من نتائج إطلاق العنان للذين يعبثون بمنظومة القيم.
    كلام جميل. وشكرا على التعقيب.

    ردحذف

معالم الكتابة الروائية في " المحارب القديم " لتوفيق باميدا

يتميز توفيق باميدا بقدرة على السرد، في بناء عوالمه الواقعية والتخييلية، وقد تشكلت هذه العوالم من ثلاث حكايات؛ الحكاية الأولى تتحدث عن الابن ...